يعتبر الأردن حاليا قبلة العلاج الأولى في الشرق الأوسط وشمال افريقيا حيث بلغ دخل السياحة العلاجية العام 2014 ما يقارب 1.2 مليار دولار والذي شكل ما نسبته 3.5% من الناتج الاجمالي ويستطيع الاردن مضاعفته إلى أكثر من ذلك خاصة في ظل ما يمتلكه من مقومات كبيرة تساعده على المنافسة وجعله الواجهة الأولى للسياحة العلاجية عالميا.
البحر الميت وحمامات ماعين وحمامات عقرا وابو ربيطة والحمة الأردنية وغيرها من الأماكن التي يتميز الاردن بوجودها، لندرتها، وربما عدم تواجدها الا فيه كما هو حال البحر الميت الذي يقصده آلاف السائحين للاستفادة من أملاح البحر الميت بالإضافة إلى الطينة البركانية التي تميزه. ولا يقتصر تميز المملكة في هذا النوع من السياحة على الثروات الطبيعية، بل ساهم التطور المستمر للمستشفيات العامة والخاصة وانتشارها في مختلف أرجائها وتوافر كوادر طبية مميزة والفنادق المميزة وغيرها من المرافق التي تشعر قاصد الاردن بالرفاه، والاستجمام معززة بالأمن والأمان وسط اقليم ملتهب، ناهيك عن كرم الضيافة الذي يميز الأردنيين.
أعداد القادمين للسياحة العلاجية:
يعتبر الأردن القبلة الأولى للعلاج في اقليميا وقد فاز بجائزة أفضل مقصد للسياحة العلاجية للعام 2014، ويقدر عدد المرضى العرب والأجانب الذين عولجوا في المملكة العام الماضي نحو 250 الف مريض. فعندما يحضر المريض العربي للعلاج يرافقه في المتوسط مرافقان، وهؤلاء يستخدمون المرافق السياحية مثل الفنادق والشقق الفندقية والمرافق التجارية ووسائط النقل المختلفة وغيرها من القطاعات.
حجم الاستثمار:
يوجد في المملكة 106 مستشفيات، منها 64 مستشفى خاص أي ما يقارب 60% من اجمالي المستشفيات وباستثمارات تقدر بثلاثة مليارات دولار، ويتوفر نحو 14 ألف سرير في جميع مستشفيات المملكة. وأسعار العلاج في الأردن هي الأقل في الإقليم ومن الأقل من دول العالم، فكلفة إجراء عملية قلب مفتوح في المملكة تبلغ 15 ألف دولار فيما تصل كلفة نفس العملية في الولايات المتحدة إلى 150 ألف دولار أي عشرة أضعاف.
مقومات السياحة العلاجية:
تتوافر في الأردن الكوادر البشرية المؤهلة والمدربة وعدد كبير من الأطباء مقارنة بعدد السكان، فهناك 28.6 طبيب لكل 10 آلاف نسمة.
كما تتوافر التكنولوجيا الطبية والأجهزة التشخيصية المتقدمة كأجهزة الرنين المغناطيسي والقسطرة ما يوفر على المريض الوقت، كما تتوافر الخدمة والرعاية الصحية بوقت قصير وبكلف وأسعار منافسة.
هذا كله وفر عامل الجودة، وساهم في تحسينها انشاء مجلس اعتماد المؤسسات الصحية، وهو الأول من نوعة في الدول العربية، الذي يقدم استشارات تدريبية وفنية للحصول على شهادة الاعتمادية المحلية والتي تعني تطبيق الرعاية الصحية العالمية، وحصلت 17 مستشفى من على هذه الشهادة بالإضافة الى حصول عشرة مستشفيات على الاعتمادية الدولية JCI.
فوق هذا كله، تتميز المملكة باستقرار امني وسياسي، ما وفر بيئة آمنة للمستثمر ولطالب العلاج، كما يرتبط الاردن بعلاقات دبلوماسية على مستوى عال مع معظم دول العالم، وموقعه المتوسط وسهولة العبور.
الحموري، أمامنا فرصة لنتصدر المنطقة بالسياحة العلاجية:
رئيس المجلس العالمي للسياحة العلاجية ورئيس جمعية المستشفيات الخاصة الدكتور فوزي الحموري أكد أن قطاع السياحة العلاجية والطبابة في الأردن حافظ على قوته على رغم الظروف الاقليمية التي تعيشها معظم دول المنطقة والصعوبات التي تواجه قدوم المرضى، واستطاع أن يزيد اعداد المرضى الوافدين للعلاج في المملكة على مدى السنوات الماضية.
وقال أن القطاع الطبي الاردني على الدوام كان سنداً للأشقاء العرب، إذ استقبلت المستشفيات الخاصة الأردنية اعداداً كبيرة من جرحى الانتفاضة الفلسطينية وجرحى العدوان الاسرائيلي على غزة أعوام 2008 و 2012 و 2014. كذلك كان الأردن الملاذ الآمن لعلاج الجرحى الليبيين والسوريين واليمنيين والسودانيين والعراقيين في السنوات الأخيرة، إضافة إلى إقامة مستشفيات ميدانية يشرف عليه الجيش الأردني في عدة دول عربية واسلامية وبخاصة قطاع غزة.
وأضاف الحموري أن الاردن يفخر باحتلاله المرتبة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كمركز جاذب للسياحة العلاجية والقبلة الأولى للعرب والعديد من الجنسيات الأخرى التي تبحث عن العلاج الطبي بأعلى معايير الجودة وأسعار أقل من العديد من دول العالم.
مجلس السياحة العلاجية الأردني:
وأوضح الحموري انه للمحافظة على هذا الانجاز فإننا نسعى حالياً لمأسسة وتعزيز تنافسيته كمركز جاذب للسياحة العلاجية من خلال إنشاء "مجلس السياحة العلاجية الأردني".
ويهدف هذا المجلس، وفق الحموري، إلى اطلاق مبادرات تعزز السياحة العلاجية في المملكة، تشمل التنسيق بين مقدمي الخدمات العلاجية والسياحة والخدمات المساندة، ونشر الوعي محلياً حول أهمية السياحة العلاجية في دعم الاقتصاد الوطني، وتجميع البيانات واعداد الدراسات الفنية ذات العلاقة، وتوحيد الجهود التسويقية بشكل فاعل من خلال خطة تسويقية يتم تطويرها ومراجعتها دورياً ، وتطوير التشريعات الداعمة للسياحة العلاجية، وتسويق برامج متكاملة تشمل العلاج والاقامة الفندقية والتنقل وتسهيل الخدمات اللوجستية بما يعزز تنافسية القطاع.
وأكد الحموري أن هذا المجلس، حال انشائه، سيساهم بشكل كبير وفاعل مستقبلاً في استقطاب الاستثمارات الطبية للأردن وخلق فرص عمل جديدة للأردنيين ورفع جودة الخدمات الطبية في المستشفيات والمراكز الطبية خاصة للعرب والاجانب من خلال زيادة عدد الحاصل منها على الاعتمادية المحلية والدولية وزيادة اعداد المرضى من خلال استهداف اسواق جديدة وغير تقليدية.
المجلس العالمي للسياحة العلاجية :
وعن تراس الأردن ومن خلال جمعية المستشفيات الخاصة للمجلس العالمي للسياحة العلاجية قال الحموري رئيس المجلس إن انتخاب الأردن لهذا المنصب يؤكِّد مكانة الاردن المتقدمة على مستوى العالم كمركز جاذب للسياحة العلاجية يتبوأ المرتبة الأولى على مستوى إقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، والمكانة المرموقة التي يتمتع بها الأردن في المحافل الدولية ، والعلاقات الطيبة التي تربط المملكة مع مختلف دول العالم ، والدور الإنساني الكبير الذي يقدمه القطاع الطبي الأردني للاجئين والجرحى والمرضى من دول الإقليم . واعتبر الحموري أن التجربة الأردنية في مجال السياحة العلاجية تعتبر قصة نجاح تحققت بجهود الأردنيين على مدى عقود متتالية وفي مختلف القطاعات الصحية الحكومية والخاصة ، والبيئة الاستثمارية الجاذبة التي هيأت الفرص للاستثمار في قطاع المستشفيات الخاصة .
وأكد الحموري أن أهم نقـاط القوة التي يتمتع بها الأردن كانت الاستثمار في الكوادر البشرية والتي اكتسبت سمعة عالمية ، بالإضافة الى الاستقرار السياسي والأمني الذي تتمتع به المملكة والعلاقات الدبلوماسية المتميزة للمملكة، وأكد الحموري على ضرورة التعاون والتنسيق بين الأعضاء لتنظيم قطاع السياحة العلاجية في العالم والذي يعتبر من القطاعات الاقتصادية الهامة ويقدر حجم الإنفاق العالمي بمبلغ 65 مليار دولار ، وأكد الحموري أن الجمعية وخلال فترة تولّيها الرئاسة الحالية للمجلس العالمي للسياحة العلاجية ستقوم بإعداد خطة عمل بالتشاور مع الأعضاء وبحيث تتضمن عدة نشاطات تسويقية وتدريبية للأعضاء لزيادة التعاون والتنسيق فيما بينهم في حركة وانسياب السياحة العلاجية عالمياً ، إضافة إلى التوقيع على مدوّنة لقواعد السلـــوك للسياحة العلاجية تهدف إلى تحديد معايير عالمية لحقوق المرضى وذويهم ، ووضع المعايير اللازمة لضمان جودة الخدمات المقدمة للمرضى ، والحفاظ على أرواحهم ، وضمان استمرارية الخدمات العلاجية للمرضى بعد عودتهم إلى بلادهم ، والعمل على وضع برامج تعليمية للعاملين في السياحة العلاجية حيث أنه لا يوجد هذا التخصص في أي جامعة في العالم .
علاج الجرحى اليمنيين في المستشفيات الخاصة الأردنية:
اكد رئيس جمعية المستشفيات الخاصة الدكتور فوزي الحموري استمرار المستشفيات الخاصة في المملكة في تقديم كافة الإمكانيات المتوفرة لديها للتخفيف من معاناة الجرحى والمرضى اليمنيين. حيث بين ان معظم اصابات الجرحى اليمنيين التي تم علاجها حتى الآن كانت اصابات ناجمة عن قتال مسلح وانفجارات وتلقي شظايا وعيارات نارية، ومنها إصابات شديدة في الرأس والصدر والبطن، وجميعها استوجب اجراء عمليات جراحية صعبة وعناية مشددة ومع ذلك فإن التكلفة في الأردن معقولة وزهيدة مقارنة بالدول العربية المجاورة.
في نفس السياق أوضح الحموري أن كلفة علاج الأشقاء اليمنيين تم احتسابها على أساس الحد الأدنى للأجور وبحيث يعامل المرضى اليمنيين معاملة المريض الأردني من حيث التسعيرة فضلا عن أنهم يلقون كل الرعايا والاهتمام ،وأنه تم استقبال الجرحى حتى بدون أي ضمانات مالية .
وقال الحموري ان اختيار الأشقاء اليمنيين للأردن مقصدا لعلاج الجرحى ياتي لما يتحلى به القطاع الطبي الاردني من سمعه طيبة وخبرة وكوادر طبية وفنية مؤهلة، مشيرا الى ان مستشفيات المملكة الخاصة سبق وان عالجت مئات الالاف من الجرحى من الفلسطينيين والعراقيين والليبيين والسوريين اضافة الى عدم اشتراط الحصول على تاشيرة مسبقه ولموقف الاردن الداعم للحكومة الشرعية اليمنية.
وبين الحموري أنه قد تم توزيع الجرحى اليمنيين وهم من فئات عمرية مختلفة بينهم شباب ونساء واطفال على عشرة مستشفيات اردنية خاصة لتلقي العلاج وإجراء الفحوص الطبية اللازمة، وتسخير الإمكانات لتوفير الرعاية الطبية العاجلة لهم، إلى جانب تقديم كل ما من شأنه أن يحد من معاناتهم ، وقد غادر عدد كبير من الجرحى اليمنيين الأردن بعد أن استكملوا علاجهم.
وتمنى الحموري أن يتحقق السلام والازدهار للشعب اليمني الشقيق مؤكداً ان ما قامت به المملكة يعد واجباً عربياً وانسانياً ونتطلع إلى المساهمة في إعادة إعمار المؤسسات الصحية اليمنية في القريب العاجل.